2024/04/20
الرئيسية || مقالات || سلسلة الدفاع عن الصحابة الكرام [01]

سلسلة الدفاع عن الصحابة الكرام [01]

1- الاستنفار لرعاية حقوق الصحابة الأخيار
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فإن من العقائد والأصول المقررة في الإسلام : حب الصحابة من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان ،واعتقاد فضيلتهم وصدقهم، والترحم على صغيرهم وكبيرهم وأولهم وآخرهم ،وصيانة أعراضهم وحرماتهم ؛ فهم خير الناس للناس ، وأفضل تابع لخير متبوع ، وهم الذين فتحوا البلاد بالسنان ، والقلوب بالإيمان ، ولم يعرف التاريخ البشري منذ بدايته تاريخاً أعظم من تاريخهم ، ولا رجالاً دون الأنبياء أفضل منهم ولا أشجع ، ومن داخله شك في هذا فلينظر في سيرهم على ضوء الأحاديث الصحيحة والآثار الثابتة يرى أمراً هائلاً من حال القوم وعظيم ما آتاهم الله من الإيمان والحكمة والشجاعة والقوة .
وقد اصطفاهم الله لصحبة نبيه  ونشر دينه ؛فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام ، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر ، وتحطمت شعائر الإلحاد ، وذلت رقاب الجبابرة والطغاة ، ودانت لهم الممالك . قال عبدالله بن مسعود  : ( إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد  خير قلوب العباد ؛فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد  فوجد قلوب الصحابة خير قلوب العباد ؛ فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه ) [رواه الإمام أحمد وسنده حسن ]، وقال وكيع : سمعت سفيان يقول : في قوله تعالى : [ قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَذِينَ اصْطَفَى ] قال : هم أصحاب محمد ، وقد أثنى الله  عليهم في كتابه العزيز ، وأثنى عليهم رسول الله  في سنته المطهرة وحسبهم ذلك فضلا وشرفا .
قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} والمراد بالذين اتبعوهم بإحسان هم الذين تأخر إسلامهم من الصحابة . روى الحافظ ابن عساكر عن أبي صخر حميد بن زياد قال : قلت لمحمد بن كعب القرظي يوماً : ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله ؛فيما كان من رأيهم ، وإنما أريد الفتن فقال : إن الله قد غفر لجميع أصحاب رسول الله  ،وأوجب الله لهم الجنة في كتابه – محسنهم ومسيئهم – قلت : في أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابه ؟ فقال : سبحان الله ! تقرأ قوله : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ .. } الآية؛ فأوجب الله لجميع أصحاب النبي  الجنة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطاً لم يشرطه عليهم ، قلت : وما اشترط عليهم ، قال اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان ، يقول : بأعمالهم الحسنة ولا يقتدون بهم في غير ذلك ، قال أبو صخر : فوالله لكأني لم أقرأها قط ،وما عرفت تفسيرها حتى قرأها عليَّ محمد بن كعب .
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} . وقد انتزع الإمام مالك – رحمه الله – كفر الروافض من قوله تعالى :{ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ } (. وهذا مما لا شك فيه كما نص عليه أئمة الإسلام ، فقد اتفقوا على أن من كان في قلبه غيظ على الصحابة ، وزعم ردتهم ، أو فسقهم ، أو خيانتهم في تبليغ الدين أنه كافر.كما سيأتي بيانه في المقال المقبل إن شاء الله .
وقال الله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وقال تعالى في بيان مصارف الفيء: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ والَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ..هذه ثلاث آيات من سورة الحشر ؛ الأولى منها في المهاجرين ، والثانية في الأنصار، والثالثة في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم سائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم ، وليس وراء هذه الأصناف الثلاثة إلا الخذلان ، والوقوع في حبائل الشيطان ، ولهذا قالت عائشة – رضي الله عنها – لعروة بن الزبير بشأن بعض هؤلاء المخذولين: “أمروا أن يستغفروا لأصحاب الرسول  فسبُّوهم[أخرجه مسلم ] وقال النووي في شرحه : “وبهذا احتج مالك في أنه لا حق في الفيء لمن سب الصحابة – رضي الله عنهم- لأن الله إنما جعله لمن جاء مِن بعدهم يستغفر لهم”. وقال الإمام أبو نعيم الأصبهاني – رحمه الله – عن الصحابة : ( سمحت نفوسهم – رضي الله عنهم – بالنفس والمال والولد والأهل والدار ، ففارقوا الأوطان وهاجروا الإخوان وقتلوا الآباء والإخوان وبذلوا النفوس صابرين ، وأنفقوا الأموال محتسبين ، وناصبوا من ناوأهم متوكلين ، فآثروا رضاء الله على الغناء ، والذل على العز ، والغربة على الوطن ، هم المهاجرون (الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون حقاً )، ثم إخوانهم من الأنصار أهل المواساة والإيثار أعز قبائل العرب جاراً ، واتخذ الرسول  دارهم أمناً وقراراً ، الأَعفّاء الصبر والأصدقاء الزهر { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }. فمن انطوت سريرته على محبتهم ،ودان الله تعالى بتفضيلهم ومودتهم ،وتبرأ ممن أضمر بغضهم ؛فهو الفائز بالمدح الذي مدحهم الله تعالى فقال :{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم ٌ} وقال تعالى : [ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ] . قال جابر بن عبد الله  : (كنا ألفا وأربعمائة) .وهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم تزكية لا يخبر ولا يقدر عليها إلا الله ، وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم ، ومن هنا رضي عنهم ،ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر ، لأن العبرة بالوفاء على الإسلام ، فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام ، وأما من علم موته على الكفر فلا يمكن أن يخبر الله تعالى بأنه رضى عنه . ومما يؤكد هذا ما ثبت في “صحيح مسلم ” من قول رسول الله : « لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها » قال ابن تيمية – رحمه الله -: (والرضى من الله صفة قديمة فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى ، ومن رضى الله عنه لم يسخط عليه أبداً .. فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة ، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له ، فلو علم أنه يتعقب ذلك بما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك).وقال ابن حزم : (فمن أخبرنا الله  أنه علم ما في قلوبهم  وأنزل السكينة عليهم ، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ، أو الشك فيهم ألبتة).وقال : “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة  بلفظ: “خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” والله أعلم ذكر الثالث أم لا. وأخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “سأل رجل النبي  أي الناس خير؟ قال: “القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث” قال الإمام أحمد في عقيدته : (فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ولو لقوا الله بجميع الأعمال).وقال النووي : (وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري  قال: “قال رسول الله : “يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب رسول الله  ؟ فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله  فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله  فيقولون نعم فيفتح لهم”، وعن أبي موسى  قال : قال رسول الله  : النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ ،وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ (رواه مسلم )قال القرطبي في”المفهم”: وقوله : (( وأصحابي أمنة لأمتي )) ؛ يعني : أن أصحابه ما داموا موجودين كان الدِّين قائمًا ، والحق ظاهرًا ، والنصر على الأعداء حاصلاً ، ولما ذهب أصحابه عن أمته غلبت الأهواء ، وأديلت الأعداء ، ولا يزال أمر الدِّين متناقصًا ، وجده ناكصًا إلى أن لا يبقى على ظهر الأرض أحد يقول : الله ، الله . وهو الذي وعدت به أمته ، والله تعالى أعلم .
وروى ابن بطة بإسناد صحيح عن ابن عباس  أنه قال: “لا تسبوا أصحاب محمد  فلمقام أحدهم ساعة يعني مع رسول الله  خير من عمل أحدكم أربعين سنة “وفي رواية : “خير من عمل أحدكم عمره”. ولما ذكر سعيد بن زيد  عنه العشرة المبشرين بالجنة قال: “والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله  يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عمِّر عُمْر نوح” [أخرجه أبو داود والترمذي]، وعن جابر  قال: “قيل لعائشة أن أناسا يتناولون أصحاب النبي  حتى أبا بكر وعمر فقالت: وما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر”[أخرجه رزين ]،وروى البخاري في “صحيحه “عن أبي سعيد الخدري  قال: قال النبي : “لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه” وأخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : ” لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه” هذه بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على فضل أولئك الأخيار الذين ما كانوا ولا يكونون . وعن أبي زرعة قال: “إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله  فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن رسول الله  عندنا حق ،والقرآن حق ،وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله  ، وإنما يريدوا أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ،والجرح بهم أولى وهم زنادقة”.وقال الطحاوي في عقيدة أهل السنة: “ونحب أصحاب رسول الله  ،ولا نفرط في حب أحد منهم ،ولا نتبرأ من أحد منهم ،ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ،ولا نذكرهم إلا بخير ،وحبهم دين وإيمان وإحسان ،وبغضهم كفر ونفاق وطغيان”وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة: “وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله  وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول  إلا بأحسن ذكر ،والإمساك عما شجر بينهم ،وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ،ويظن بهم أحسن المذاهب، وقال الإمام أحمد في “كتاب السنة” :ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله  كلهم أجمعين ،والكف عن الذي جرى بينهم ؛فمن سب أصحاب رسول الله  أو واحدا منهم فهو مبتدع رافضي، حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “العقيدة الواسطية”: ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله  كما وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وطاعة للنبي  في قوله: “لا تسبوا أصحابي ..الحديث” ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضِّلون من أنفق من قبل الفتح .. وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ،ويقدمون المهاجرين على الأنصار ، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا-: “اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” وبأنه لا يدخل النار رجل بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي  بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه – وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة – ويشهدون بالجنَّة لمن شهد له رسول الله  كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم ،ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم يثلثون بعثمان ويربعون بعلي  .
فاحفظ – رعاك الله – ثناء الله عليهم ، ورضاه عنهم ،ولا يكن في قلبك غِل على أحد منهم ؛فإن هذا من أعظم خبث القلوب ، واستوص بهم خيراً ففي سبيل ذلك تهون الأرواح والدماء
وللحديث بقية لبيان حكم سب الصحابة الأخيار ، وأمهات المؤمنين الأطهار . والله من وراء القصد ،ومنه الهداية وبه التوفيق .